السؤال.. أريد الذهاب لطلب العلم، وأهلي لا يحتاجون إلي، يريدونني أن أتوظف وأنا أرفض، أريد الهروب منهم لطلب العلم، لكن إن هربت ربما تحدث مشاكل لوالدتي مع والدي وقد يطلقها، فماذا أعمل؟
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك بين آبائك وإخوانك في إسلام ويب.
ونحن نشكر لك حرصك على طلب العلم الشرعي، ولاشك أنك أصبت كبد الحقيقة بهذا الحرص؛ فإن العلم الشرعي من أجل القربات التي يتقرب المسلم إلى الله تعالى بطلبه والبحث عنه.
ويكفي في شرف العلم والعلماء قول الله سبحانه وتعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلم درجات}.
وقوله سبحانه وتعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وليس من يعبد الله على بصيرة كمن يعبده على غير ذلك، وهذا العلم أيها الحبيب ينقسم بلا شك إلى قسمين:
الأول: فرض واجب يجب على الإنسان أن يتعلمه، وإذا لم يجده في بلده وجب عليه أن يرحل في طلبه.
والقسم الثاني: مستحب ينبغي للمسلم أن يحرص على الاستكثار منه ما استطاع، والسفر في طلب العلم من الأسفار التي جوّز العلماء للولد أن يخرج إليها دون إذن من والديه؛ لأنه الآن من الأسفار الهينة التي لا يتعرض فيها للخطر.
ولكن مع هذا نحن لا ننصحك بالسفر إذا كنت تستطيع أن تتعلم في بلدك العلم الواجب عليك، كعلم أحكام الصلاة، وأحكام الطهارة، والصوم، والزكاة.
إذا كان لديك مال، وتعلم العقيدة الصحيحة، فهذه العلوم طلبها واجب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
فإذا كنت تجد هذا القدر من العلوم في بلدك لم تجب عليك الرحلة والسفر من أجله، أما إذا كنت لا تجده فالسفر في طلبه واجب إذا كنت لا تستطيع أن تتعلمه بوسائل أخرى.
ولكن هذا يمكن أن يكون اليوم بعيدًا؛ فإن وسائل التعلم - ولله الحمد - منتشرة سهلة، فالمواقع الخيرة الموثوقة كثيرة، والتسجيلات عن أهل العلم لأقوالهم وكلماتهم في بيان وسائل الدين متوفرة.
فيمكنك أن تتعلم ما يلزمك تعلمه وما يستحب لك أن تتعلمه وأنت في بلدك دون الحاجة إلى الرحلة.
ولهذا فنحن ننصحك بأن لا تخرج بغير رضى والديك، لاسيما وأن هذا الخروج قد يتسبب بأذىً لوالدتك – كما ذكرت – وقد يجر عليها أنواعًا من إيذاء الوالد لها.
فمن البر بها أن تبقى معها ما دمت قادرًا على أن تتعلم ما ينبغي لك أن تتعلمه.
فحاول أن تنظم وقتك بقدر الاستطاعة بحيث تستفيد من المسموعات الموجودة، وهي ولله الحمد كثيرة، فموقعنا هذا زاخر بها، كذلك المواقع الأخرى لأهل العلم المعروفين بالعلم الموثوق في ديانتهم.
كموقع الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – وموقع الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله تعالى – ونحو ذلك من المواقع المفيدة، ففيها العديد من الدروس التي تحتاجها وستفيدك بلا شك.
حاول - أخي الكريم - خلال هذه الفترة أن تُظهر لوالديك سماحة التدين الصحيح، فإنهما ربما يمنعانك من السفر تخوفًا عليك من أن تقع فيما يخافونه أو يخشيان عليك من الانحراف فيما قد يجر إليك الأذى، ونحو ذلك من المخاوف التي يعرفها الناس اليوم، لكن إذا أظهرت لهما سماحة الدين، وأخلاق الدين السمحة.
وحرصت على أن تبرهما بقدر استطاعتك خلال هذه الفترة فإنهما سيركنان إليك، وسيثقان بأن سفرك سيكون فيه المزيد من هذه الأخلاق الحسنة والبر بهما، ونأمل - إن شاء الله تعالى - أن يأذنا لك بعد ذلك بالسفر للاستزادة.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبصرك ويزيدك هدىً وصلاحًا وتُقىً، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح.
الكاتب: الشيخ/ أحمد الفودعي
المصدر: موقع إسلام ويب